مقالات الاستاذ احمد شاكر

مساء الأشرار ,,,, جاء عصر الإنفتاح الفضائي تبعنا ، صورة طبق من عصر الإنفتاح الإقتصادي في السبعينيات ....

، و نسخة بالكربون من زمن الفوضي والتهليب ، وكما تعامل السلف في العهد البائد ، جاء تعاملنا مع البرامج والفضائيات بذات الأسلوب الفوضوي الإنتهازي ، فكانت النتيجة واحدة ، مزيد من الخسائر والتراجع وإنهيار القيم والأخلاقيات في المجتمع .!!

ومثلما سارع المتسلقون والمنتفعون قديما لتصدر الأفيش لأجل الحصول علي أكبر قدر من الغنيمة ، رأينا نفس الشيئ يحدث ، علي أيدي البعض من رجال الريادة الإعلامية المصرية ، كيف ولماذا وأين ..؟ .. لا شيئ يهم علي رأي إحسان عبد القدوس ، المهم أن دفتر الشيكات تبعنا يصبح أكثر طولا من الشريط الحدودي بين الهند وباكستان ..

ولأن لكل عصر علاماته وسماته ، وكما كانت القطط السمان ، أبرز علامات عصر السداح مداح ، أصبحت بعض البرامج وإستديوهات التحليل الرخيصة ، هي العلامة البارزة وشاهد العصر لخلق قطط سمان جديدة ، ولكن علي الطريقة المودرن ..

ومع غياب الوازع الديني وتباين المعيار الأخلاقي ، شاهدنا المتاجرة بعقول وأحلام شباب مصر علانية تحت ساتر المصطلحات الرنانة من نوعية الديمقراطية والإستنارة والتنوير والشفافية ، يشهرها في وجهك تجار الشنطة الإعلامية كسيف ماض ، حتي لا تتجرأ وتنتقد أساليبهم المبتذلة في التناول الإعلامي المهيج للقضايا الرياضية ..

ولا مانع من كلمتين شكر لسيادة الرئيس مبارك ، وأغنية لتحلية البضاعة بأسلوب مكشوف وساذج ، لن ترضي عنه مؤسسة الرئاسة ولن يقبله سيادته لو علم به ، بل أجزم أنه سيطالب بوقف تلك المهازل التي تزيد من حدة التصعب ، وتساهم في إشعال النيران بين أبناء الوطن الواحد ، مع تحويل المسئولين عنها إلي تحقيق فوري لتلقي الحساب الرادع ..

وما حدث أول أمس بين جماهير الإسماعيلي والأهلي من شغب تعدي حدود الرياضة وكرة القدم التي ما وجدت إلا من أجل تهذيب النفوس وترويضها .... هو إفراز منطقي لحقبة الفاصل وما بعد الفاصل الخبيثة التي بحاجة إلي بتر فوري قبل أن تقضي علي البقية الباقية من قيم وأخلاقيات شعب ، لم يكن يميزه يوما إلا عراقته التي في طريقها للزوال بسبب إعلام فقد عقله .

الطبيعي أن مباراة الأهلي والإسماعيلي مجرد مباراة عادية لا تعني نتيجتها أحد ، بعد أن حسم الأحمر البطولة بتفوق قبل نهايتها بأسابيع عن جدارة وإستحقاق ، حتي ولو إفترضنا جدلا كما يقولون أنها مباراة ذات طبيعة خاصة ، إلا أن الأجواء التي صاحبتها لم تكن كذلك أبدا ، خاصة أن أكثر المتشائمون لم يدر بخلده أن تنتهي بالمأساة التي آلت إليها ..

لكن ..... ، كان لبعض أصحاب الريادة الإعلامية رأي آخر ، من أجل زيادة حصيلة الإعلانات وتحقيق أكبر نسبة من المشاهدة حتي ولو كان ذلك علي حساب شباب مصر ، عندما نجحوا بجدارة قبل المباراة في شحن جماهير الفريقين بصورة مثيرة لم يسبق لها مثيل ، فكانت النتيجة حرب الشوارع التي شهدتها مدينة نصر وشارعي عباس العقاد والأوتوستراد وميدان رابعة .

ليسقط الضحايا من الجانبين ، لا دفاعا عن مبدأ أو عقيدة أو شرف ، لكن بسبب كرة القدم ..

هذه هي صنيعة إعلام ما بعد الفاصل .. !! .. الذي يخاطب الملايين ويشارك في تشكيل وعي و ثقافة و وجدان شعب بأكمله ..

الصمت جريمة ، والتجاهل مشاركة ، والأمن القومي المصري ليس إلعوبة في أيدي المستهترين بمقدرات الوطن وخيرة أبنائه ، ومقالتي تلك بلاغ لمن يهمه الأمر ، قبل أن تستفحل الأمور ونفقد قدرتنا في السيطرة عليها ..

نريدها حاسمة باترة ، ولا نريدها علي طريقة إستراليا ، التي تقول أنه حدث يوما أن إنتشرت الفئران بصورة مخيفة ، فأطلقوا القطط لتأكلها، فتوحشت القطط ، فأطلقوا الكلاب لتقضي عليها ، فإنسعرت وقضت علي القطط ، وبقيت الكلاب بعد ذلك تنهش في المدينة .

فهل نعالج بطريقة إستراليا ، أم نحاول أن نكون صادقين مع أنفسنا يوما ، حتي يمن الله علينا بالشفاء ، وحتي تضع الحرب الكروية أوزارها

» مقالات د\ عبد المعنم عمارة